السبت، 3 مارس 2012

سلامٌ لعَمان !



مصر أم الدنيا وبيروت ست الدنيا , وعمان جديرة بأن تحمل لقب سيدة الحرية ..
إن الأربع سنوات الأخيرة التي عشتها مع هذا الشعب قلبت موازيني , لا يعقل أن يخبيء الناس الحرية داخل حواسهم لهذه الدرجة , أن تنبض عيونهم بها دون أن يتفوهوا بكلمة !!
في سنتي الأولى , كانت النقاشات العقيمة التي تصم الأذان وتغم البال , تلك التي يصر صاحبها على أن يرث منطقا ويؤمن به دون تفكير, وأن مخالفة موروث إجتماعي يطبق على العقل شرعيته الوحيدة تكمن في سنوات تطبيقه فقط يعتبر إثما وخيانة ! رغم أن السر العظيم المخفي بات واضحا كالشمس ..
كمن يقول لي (إحنا بلدنا مملكة مش جمهورية مش رح تزبط عنا تجربة مصر, هدول الي طالعين مظاهرات بس بدهم يقلدو مش عارفين إيش بدهم ) , تجربة مصر لن تجدي نفعا في بلدكم, لأن بلدكم لها  تاريخا ومتطلبات مختلفة عن مصر أو أي بلد أخر وهؤلاء اللذين تصفهم ب( مش عارفين إيش بدهم ) على الأقل لم يلمعوا قيودهم أويقدسوها ..! 

كنت لا أصدق عيناي عندما رأيت الدوار الرابع يمتلأ بالمعلمين المطالبين بكرامتهم , لو عاش أحمد شوقي ورأى الدوار الرابع يضج بالحرية من كل الفئات والطبقات والطوائف لترك (كاد المعلم أن يكون رسولا ) لباقي معلمي العالم وكتب مقولة أعظم لمعلمي الأردن .. 

في سنتي الأخيرة , بدأت أرى بدون شك أو تردد معانٍ واضحة للأمور , كلامٌ موجه ومقصود لا رموز أو إشارات أو أسماء مستعارة , أرى الحرية بكلامهم بنكتهم , بنقدهم الذي أصبح واجبا وطنيا , بالمسرح , بالأغاني , بالصحافة , في الشارع وفي قلوب الناس ..

سياسة أي بلد عربي قبل الربيع , غير محسوب على أهل البلد لأنهم لم يشاركوا في صنع سياسة بلدهم ولم يختاروا صناع السياسة فيها , الشعب يرفض وادي عربة مثلا ..!! 

أكاد أموت في حب عمان سيدة الحرية , أتعلمون لماذا ؟ , هي أول عاصمة عربية أدخلها , جئتها من بلد محتل باحثة عن عروبة وأصالة ووجدتها وعن أهل عزٍ وكرامة ووجدتهم ينبضون حرية قولاُ وفعلاً , كان أحد أهم الأسباب التي جائت بي للدراسة في الأردن هو أنني أبحث عن وطن عربي بحت لا تسمع فيه لغةً غير العربية ويحترم العربي فيه لأنه عربي , ما إن تُعرف عن نفسك وتقول أنا من مصر أنا من المغرب, من الشام , من فلسطين , من اليمن , من السعودية حتى يحتضنوك في عيونهم وتشعر بحنين معتق ينبض عروبة .. 

لا تتوقع من شعبٍ لديه كل صفات العزة والكرامة المترسخة في أصوله أن يسكت عن ظالم أو يتنازل عن حق , هم علموني كيف ينتزع الحق ( بالخاوا) , بعد أن كانت الحرية حلما أصبحت هواءاً يتنفسونه , ما إن يقع ظلم على أحد أو تنتهك حقوقٌ ما حتى تراهم ينتفضون بكل الأشكال , صبرهم لا يُختبر , بالعامية ( بيوفروش ولا مسؤول ) مهما كان وزنه , يعلمون أن لا سلطان على عقولهم وإن لم يكن المسؤول مسؤولاً سَيُسأل ويحاسب وبما أنه لا حدود للفساد فلا حدود للإنتقاد والإعتراض , يعلمون أن لهم وطناً يستحقُ التضحية ..

كم أشتاق لعمان وأهلها
لمقهى الأردن , للقهوة تحت القصب
للفطور في هاشم
لكنافة حبيبة
للجامع الحسيني
للويبدة
لجبل عمان 
للمنسف والمسخن 





 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق