الأحد، 18 مارس 2012

باص رايح على حيفا .



بادرت في إلقاء التحية , كانت مهذبة لدرجة لا تليق بجندية إسرائيلية إذ تحمل ملامح أوروبية مع قليل من البلاهه والكثير من الايمان بدولة إسرائيل وحلم بني صهيون الذي تحقق على جثثنا .. 

أوميت برأسي مع إبتسامة سرعان ما إختفت تدل بصراحة أني لا أفضل الحديث مع جندية لا شيء يجمعنا ولا حتى أنوثتنا ولا حتى تعصبي النسائي , لأول مرة لا أستطيع تقبل الاخر .. 

كنت أنظر من شباك النافذة على الناس في محطة الباص أغلبهم جنود وكانت هنالك حمامة رمادية تمشي على الارض بين أقدام الجنود أحدهم حاول ضرب قدمه فأصدر صوتا عاليا لإخافتها لكنها لم تكترث وإستمرت بالمشي تتمايل يمينا وشمالا كجدة تحمل فطائر الزعتر التي أعدت باكرا لتذهب في زيارة يؤخرها معبر قلنديا وتصر على العبور وتعبر , هذه الحمامة فلسطينية أبا عن جد وليس صدفة أنها لم تقبل أن تكون بيضاء ,عادت تسألني وإبتسامتها سبقت مريم نور بالتفاؤل , ماذا تدرسين ؟؟ وإستمرت الابتسامة حتى بعد إنتهاء السؤال .. 

رفعت حاجبي الايسر ونفخت وتأففت , عدلت جلستي قليلا ونظرت إليها بسأم : انا صحفية !! 

-       -   اوووه , كم عمرك ؟ 

أكبر من عمر أحلامك أكبر من عمر أمنياتك لقيام دولة شعب الله المختار , بقدر حكايات جدي عن أيام الحصاد والبيادر والمقاومة والسلاح والشهداء بقدر افراح فلسطينية وأيام عز زيتون وبحر سورٌ وعكا ناصرةٌ ومسيح سماء فلسطينية لن تستطيع دولتك إحتلالها .. عمري 23 يا أتها الشقراء الغريبة أعمل صحفية لفضح عنصرية دولتك ضد أبناء شعبي ..
-        -  عمري 23 وأنت ؟؟ 

-       -   أنا ما زلت 19 , ما زلت صغيرة , والابتسامة المستفزة مستمرة

19 بقدر ماذا ؟ بقدر حارة حقيرة في إحدى شوارع أوروبا , بالطبع لديك حكايات جدة , عن جندي ذهب للجبهة وأحب جندية ورسما حلمهما معا ذات ليلة في معسكر للجيش قرب غزة إتفقا على العيش بسعادة في ربوع وطني المسلوب وإنجاب أطفال يملؤون المكان وإختلفا في النهاية أين سيسكنان في عكا كما إقترحت هي أو في هرتسليا كما أصر هو , لا فرق لديهم أين يعيشون فالأرض المسروقة واسعة أمامهم سيختارون بيتا جميلا أهم ما فيه الإطلالة , لكن صاروخا سقط قريبا وأودى بحياتها وأصبحت شهيدة الحب , وقرر قتل عائلة فلسطينية كاملة تهجرت من هرتسيليا لان أباه كان قد سمح لها بالهروب إلى غزة ليس لإنتهاء ذخيرته ولكنه كان يأخذا قسطا من الراحة من القتل فتكمنت العائلة من الهروب إلى غزة , فقتلها هذا الشاب ردا على قتل حبيبته .. !! 

-        -  ماذا ستدرسين عند إنهاء خدمتك ؟ 

إجابت بإنفعال شديد وفرحة :
 - مذ كنت صغيرة وأنا أحب الإرشاد النفسي أو العلوم الإنسانية بشكل عام . 

علم النفس بعد إنهاء الخدمة العسكرية وتكونين قد قتلت من البشر ما قتلت , قد يأتيك طفل لديه مشكلة نفسية بعد أن قتلت أنت امه أثناء خدمتك العسكرية , سيقول لك أنه ما زال يفزع من نومه على صوت القنبلة التي رميتها أنت ذات ليلة على بيتهم وأنه يصاب بالهستيريا كلما تذكر والدته التي كان يشعر بأنفاسها قبل سقوط القنبلة فقط .. كيف ستعالجينه ؟!! 

طلبت منها أن تصمت وأن لا تتحدث إلي ثانية .. 

بعد ردة الفعل الشديدة هذه قررت تغيير مكانها , إنصرفت لتجلس بعيدا !! 

في أحدى المحطات التي توقف فيها الباص المتجه إلى حيفا , صعد جندي يحمل جيتارة , وتفاديا لجلوسه إلى جانبي وضعت كاميراتي وأغراضي على المقعد المجاور , لكن دون جدوى , جلس إلى جانبي ووضع جيتارته على قدميه , تدفع دولته ثلالثة أرباع ميزانيتها على الأمن لتقتل الناس أو لتبني جدارا أو مستوطنة إستوجب بنائها سلب أراض لقرية فلسطينية كان أبنائها يسهرون عند ساحة بيتهم ذات صيف يعزفون موسيقى للحرية , سرقت مستوطنتك أرضهم وسرقت أنت موسيقاهم ,كيف لتلك اليد التي تضغط على الزناد وتقتل أن تعزف على الوتر وتغني ؟!! لا أؤمن بموسيقى جندي معتدي موسيقى بدون مشاعر بدون إنسانية  لا يعول عليها !! 

يا ربي ليش دايما بيطلع محلي حد جنود ,, أوووووفففف 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق