الأحد، 18 مارس 2012

باص رايح على حيفا .



بادرت في إلقاء التحية , كانت مهذبة لدرجة لا تليق بجندية إسرائيلية إذ تحمل ملامح أوروبية مع قليل من البلاهه والكثير من الايمان بدولة إسرائيل وحلم بني صهيون الذي تحقق على جثثنا .. 

أوميت برأسي مع إبتسامة سرعان ما إختفت تدل بصراحة أني لا أفضل الحديث مع جندية لا شيء يجمعنا ولا حتى أنوثتنا ولا حتى تعصبي النسائي , لأول مرة لا أستطيع تقبل الاخر .. 

كنت أنظر من شباك النافذة على الناس في محطة الباص أغلبهم جنود وكانت هنالك حمامة رمادية تمشي على الارض بين أقدام الجنود أحدهم حاول ضرب قدمه فأصدر صوتا عاليا لإخافتها لكنها لم تكترث وإستمرت بالمشي تتمايل يمينا وشمالا كجدة تحمل فطائر الزعتر التي أعدت باكرا لتذهب في زيارة يؤخرها معبر قلنديا وتصر على العبور وتعبر , هذه الحمامة فلسطينية أبا عن جد وليس صدفة أنها لم تقبل أن تكون بيضاء ,عادت تسألني وإبتسامتها سبقت مريم نور بالتفاؤل , ماذا تدرسين ؟؟ وإستمرت الابتسامة حتى بعد إنتهاء السؤال .. 

رفعت حاجبي الايسر ونفخت وتأففت , عدلت جلستي قليلا ونظرت إليها بسأم : انا صحفية !! 

-       -   اوووه , كم عمرك ؟ 

أكبر من عمر أحلامك أكبر من عمر أمنياتك لقيام دولة شعب الله المختار , بقدر حكايات جدي عن أيام الحصاد والبيادر والمقاومة والسلاح والشهداء بقدر افراح فلسطينية وأيام عز زيتون وبحر سورٌ وعكا ناصرةٌ ومسيح سماء فلسطينية لن تستطيع دولتك إحتلالها .. عمري 23 يا أتها الشقراء الغريبة أعمل صحفية لفضح عنصرية دولتك ضد أبناء شعبي ..
-        -  عمري 23 وأنت ؟؟ 

-       -   أنا ما زلت 19 , ما زلت صغيرة , والابتسامة المستفزة مستمرة

19 بقدر ماذا ؟ بقدر حارة حقيرة في إحدى شوارع أوروبا , بالطبع لديك حكايات جدة , عن جندي ذهب للجبهة وأحب جندية ورسما حلمهما معا ذات ليلة في معسكر للجيش قرب غزة إتفقا على العيش بسعادة في ربوع وطني المسلوب وإنجاب أطفال يملؤون المكان وإختلفا في النهاية أين سيسكنان في عكا كما إقترحت هي أو في هرتسليا كما أصر هو , لا فرق لديهم أين يعيشون فالأرض المسروقة واسعة أمامهم سيختارون بيتا جميلا أهم ما فيه الإطلالة , لكن صاروخا سقط قريبا وأودى بحياتها وأصبحت شهيدة الحب , وقرر قتل عائلة فلسطينية كاملة تهجرت من هرتسيليا لان أباه كان قد سمح لها بالهروب إلى غزة ليس لإنتهاء ذخيرته ولكنه كان يأخذا قسطا من الراحة من القتل فتكمنت العائلة من الهروب إلى غزة , فقتلها هذا الشاب ردا على قتل حبيبته .. !! 

-        -  ماذا ستدرسين عند إنهاء خدمتك ؟ 

إجابت بإنفعال شديد وفرحة :
 - مذ كنت صغيرة وأنا أحب الإرشاد النفسي أو العلوم الإنسانية بشكل عام . 

علم النفس بعد إنهاء الخدمة العسكرية وتكونين قد قتلت من البشر ما قتلت , قد يأتيك طفل لديه مشكلة نفسية بعد أن قتلت أنت امه أثناء خدمتك العسكرية , سيقول لك أنه ما زال يفزع من نومه على صوت القنبلة التي رميتها أنت ذات ليلة على بيتهم وأنه يصاب بالهستيريا كلما تذكر والدته التي كان يشعر بأنفاسها قبل سقوط القنبلة فقط .. كيف ستعالجينه ؟!! 

طلبت منها أن تصمت وأن لا تتحدث إلي ثانية .. 

بعد ردة الفعل الشديدة هذه قررت تغيير مكانها , إنصرفت لتجلس بعيدا !! 

في أحدى المحطات التي توقف فيها الباص المتجه إلى حيفا , صعد جندي يحمل جيتارة , وتفاديا لجلوسه إلى جانبي وضعت كاميراتي وأغراضي على المقعد المجاور , لكن دون جدوى , جلس إلى جانبي ووضع جيتارته على قدميه , تدفع دولته ثلالثة أرباع ميزانيتها على الأمن لتقتل الناس أو لتبني جدارا أو مستوطنة إستوجب بنائها سلب أراض لقرية فلسطينية كان أبنائها يسهرون عند ساحة بيتهم ذات صيف يعزفون موسيقى للحرية , سرقت مستوطنتك أرضهم وسرقت أنت موسيقاهم ,كيف لتلك اليد التي تضغط على الزناد وتقتل أن تعزف على الوتر وتغني ؟!! لا أؤمن بموسيقى جندي معتدي موسيقى بدون مشاعر بدون إنسانية  لا يعول عليها !! 

يا ربي ليش دايما بيطلع محلي حد جنود ,, أوووووفففف 


الخميس، 8 مارس 2012

لا أؤمن بمجتمع يكفر بالمرأه
لا أؤمن بقوالبه وبخياراته وألوانه الباهتة المفروضة
ولا أنتظر أن تشير الرزنامة إلى 8 اذار كي أحتفل بعيد يحدد حريتي
أكفر بمن يعتقد أنه يعطيها حقوقها , ويستخدم كلمة يعطي لإنه يعلم أنه سلبها حقها ,,
لإنه معاق بمثقفيه الذين يحررون المرأة بكتاباتهم بطريقه تشعرك أنها مخلوق معاق يجب الاشفاق عليه والتعاطف معه !! حتى تصبح بحاجه للحرية من تلك
الكتابات

أكفر بمجتمع لا يجرؤ إلا على ربطي بأقرب مصطلح ذكوري يتمنى لي حياة سعيدة ومستورة بواسطة ذكر ,,
طز بالسترة وطز بالسعادة
أنبذ كل ورثتكم من ثقافة ومن وصاية ومن تفسير أبوي للفقه يصر علي أن أرفضي بكل ما أوتيت من حرية
 كل أشكال الشرف التي حددتم بها جسد المرأه مرفوضة
أغنية أعطني حريتي مرفوضة تماما
أن تدعو لمحاضرة عن (الجندر) وتخلص إلى أن المرأة مخلوق بشري لا يجب إستخدامه كأداة للترويج , أمر يثير إشمئزازي
أن تخرج علينا متحذلقا لتتحدث عن إنجازات المرأة وتقول بطريقة مستهلكة هي نصف المجتمع هي أمي أختي ستي عمتي ,أمر يثير عصبيتي
أن تتظاهري مطالبة بحقوقك وبمساواتك مع الرجل هو تكريس دوني يساعد في تقديس التفوق الذكوري , هو أمر يثير شتائمي
أن تُنظر كل يوم من أجل وقف القتل تحت مسمى الشرف وتصاب بالشيزوفرينيا لإن أختك لديها حبيب ,, أمر لا ؤذيني بل يفرحني
أن تأخذ النساء ركنا من مظاهرة ما ولا يسمح لها إلا أنت تتحرك بحيز ضيق في مظاهرة تطالب بالحرية , هو أمر يفقدني إيماني
أن يضمن البرلمان عددا من الكراسي للنساء ( كتفضيل مصحح "لمجموعة" إضطهدت بالماضي ) يثبت ان الأنظمة الذكورية الحاكمة تحتاج لثورة    
 أن تكتب مقالا وتتطرق به في فقرة يتيمة عن دور المرأة في الثورة  , هو أمر يثير ثورتي

صباح الخير للجميع

لا تطالبي بمساوتك معه , لو أمنت بنفسك أكثر ستعلمين كم أنه من المجحف مساواة المرأة مع الرجل



شارع بيروت



إضطرت سيارتي أخلاقيا وقانونيا  إلى الوقوف أمام ممر المشاة في مدينة العفولة اليهودية  ليمر الناس , كنت  أنظر إلى الأشخاص المارين وتذكرت شعر تميم عن القدس ,,

 فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتاتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا
أتراها ضاقت علينا وحدنا


مرت روسيتان , للحق جميلات لدرجة الفتنة على الاقل هذا ما يقوله وجه اليهودي من اصول يمنية " على ما يبدو" الذي مر على دراجته الهوائية , ومرت إمرأة أُرجح على أنها سودانية تلتف بشال الصلاة المخطط بألوان العلم تلهث من كنيس لأخر دون أن تعلم أن لونها وأصلها لن يشفعان لها عند دولة إسرائيل , ستبقى مواطنة درجة ثانية وتعامل بعنصرية .
مرت عائلة يهودية متدينة جديدة العهد إذ تحمل الأم طفلها الرضيع الذي لا يعلم شيئا عن تاريخ دولته الملطخ بدماء أطفال مثله  ..  
مر رجل عجوز جدا كأنه من مؤسسي الدولة أو أنه كان من العصابات والمرتزقة التي هاجمت مدننا وقرانا في ال 48 و قتل من الناس ما قتل , لربما قتل أبا أو أخا لعائلة تشرد من بقي منها لمخيم في الاردن او سوريا كانت من المفروض أن تمر هذه العائلة من أمامي الان  ويحمل هذا الشارع أسما عربيا لربما (شارع بيروت) وتحمل محلاته التجارية أسماء عائلات أصحابها الفلسطينية ويتبادلون البضاعة مع تجار من عمان والشام والعراق ..
 أحدهم يطرق شباك نافذتي ويصرخ بوقاحة عبرية  (إفتحي الطريييييييييييق ) !!!






السبت، 3 مارس 2012

سلامٌ لعَمان !



مصر أم الدنيا وبيروت ست الدنيا , وعمان جديرة بأن تحمل لقب سيدة الحرية ..
إن الأربع سنوات الأخيرة التي عشتها مع هذا الشعب قلبت موازيني , لا يعقل أن يخبيء الناس الحرية داخل حواسهم لهذه الدرجة , أن تنبض عيونهم بها دون أن يتفوهوا بكلمة !!
في سنتي الأولى , كانت النقاشات العقيمة التي تصم الأذان وتغم البال , تلك التي يصر صاحبها على أن يرث منطقا ويؤمن به دون تفكير, وأن مخالفة موروث إجتماعي يطبق على العقل شرعيته الوحيدة تكمن في سنوات تطبيقه فقط يعتبر إثما وخيانة ! رغم أن السر العظيم المخفي بات واضحا كالشمس ..
كمن يقول لي (إحنا بلدنا مملكة مش جمهورية مش رح تزبط عنا تجربة مصر, هدول الي طالعين مظاهرات بس بدهم يقلدو مش عارفين إيش بدهم ) , تجربة مصر لن تجدي نفعا في بلدكم, لأن بلدكم لها  تاريخا ومتطلبات مختلفة عن مصر أو أي بلد أخر وهؤلاء اللذين تصفهم ب( مش عارفين إيش بدهم ) على الأقل لم يلمعوا قيودهم أويقدسوها ..! 

كنت لا أصدق عيناي عندما رأيت الدوار الرابع يمتلأ بالمعلمين المطالبين بكرامتهم , لو عاش أحمد شوقي ورأى الدوار الرابع يضج بالحرية من كل الفئات والطبقات والطوائف لترك (كاد المعلم أن يكون رسولا ) لباقي معلمي العالم وكتب مقولة أعظم لمعلمي الأردن .. 

في سنتي الأخيرة , بدأت أرى بدون شك أو تردد معانٍ واضحة للأمور , كلامٌ موجه ومقصود لا رموز أو إشارات أو أسماء مستعارة , أرى الحرية بكلامهم بنكتهم , بنقدهم الذي أصبح واجبا وطنيا , بالمسرح , بالأغاني , بالصحافة , في الشارع وفي قلوب الناس ..

سياسة أي بلد عربي قبل الربيع , غير محسوب على أهل البلد لأنهم لم يشاركوا في صنع سياسة بلدهم ولم يختاروا صناع السياسة فيها , الشعب يرفض وادي عربة مثلا ..!! 

أكاد أموت في حب عمان سيدة الحرية , أتعلمون لماذا ؟ , هي أول عاصمة عربية أدخلها , جئتها من بلد محتل باحثة عن عروبة وأصالة ووجدتها وعن أهل عزٍ وكرامة ووجدتهم ينبضون حرية قولاُ وفعلاً , كان أحد أهم الأسباب التي جائت بي للدراسة في الأردن هو أنني أبحث عن وطن عربي بحت لا تسمع فيه لغةً غير العربية ويحترم العربي فيه لأنه عربي , ما إن تُعرف عن نفسك وتقول أنا من مصر أنا من المغرب, من الشام , من فلسطين , من اليمن , من السعودية حتى يحتضنوك في عيونهم وتشعر بحنين معتق ينبض عروبة .. 

لا تتوقع من شعبٍ لديه كل صفات العزة والكرامة المترسخة في أصوله أن يسكت عن ظالم أو يتنازل عن حق , هم علموني كيف ينتزع الحق ( بالخاوا) , بعد أن كانت الحرية حلما أصبحت هواءاً يتنفسونه , ما إن يقع ظلم على أحد أو تنتهك حقوقٌ ما حتى تراهم ينتفضون بكل الأشكال , صبرهم لا يُختبر , بالعامية ( بيوفروش ولا مسؤول ) مهما كان وزنه , يعلمون أن لا سلطان على عقولهم وإن لم يكن المسؤول مسؤولاً سَيُسأل ويحاسب وبما أنه لا حدود للفساد فلا حدود للإنتقاد والإعتراض , يعلمون أن لهم وطناً يستحقُ التضحية ..

كم أشتاق لعمان وأهلها
لمقهى الأردن , للقهوة تحت القصب
للفطور في هاشم
لكنافة حبيبة
للجامع الحسيني
للويبدة
لجبل عمان 
للمنسف والمسخن 





 


...




في منطقة عرابة جنوب جنين تمركز الجيش العراقي قبل 63 سنة بعد معركة طاحنة أدت إلى تحرير المدينة والإتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار , كانت سنة غلال (أي سنة خير فيها محاصيل وفيرة) تقول جدتي بأن الجيش العراقي كان يحمي محاصيلهم التي حاول اليهود سرقتها مرات عديدة وبأن الناس في قريتنا كانت تتهافت لإعطاء الجيش العراقي أفضل ما لديها من طعام وبأنهم يقفون على جانبي الطريق لأداء التحية للجيش كل ما مروا , تقول وهي تبكي (العراقية أشهم ناس يا ستي .. الله يجازي الي كان السبب !!) .. ؟؟
اليوم مررت من منطقة عرابة ورأيت شجر الزيتون الذي يخبيء في جذوعه قصص بطولة مشرفة , من المؤكد أن شجر الزيتون هذا يحن للهجة العراقية ويبكي مثلي إذا ما سمعها ..


الأربعاء، 29 فبراير 2012

ثَقَافَتُنَا


يثَقَافَتُنَا فَقَاقيعٌ مِنَ الصَّابُونِ وَالوَحْلِ
فَمَا زَالَتْ بِدَاخِلِنَا رَوَاسِبُ مِنْ أَبِيْ جَهْلِ
وَمَا زِلْنَا نَعِيْشُ بِمَنْطِقِ المِفْتَاحِ وَالقِفْلِ
نَلُفُّ نِسَاءَنَا بِالقُطْنِ، نَدْفُنُهُنَّ فِي الرَّمِلِ
وَنَمْلُكُهُنَّ كَالسِجَّادِ كَالأَبْقَارِ فِي الحَقْلِ
وَنَهْزَءْ مِنْ قَوَارِيْرَ بِلا دِيْنٍ وَلا عَقْلِ
وَنَرْجِعُ آخِرَ اللَّيْلِ، نُمَارِسُ حَقَّنَا الزَّوْجِيَّ كَالثِّيْرَانِ وَالخَيْلِ
نُمَارِسُهُ خِلالَ دَقَاِئقٍ خَمْسٍ بِلا شَوْقٍ وَلا ذَوْقٍ وَلا مَيْلِ
نُمَارِسُهُ كَآلاتٍ تُؤَدِّي الفِعْلَ لِلْفِعْلِ
وَنَرْقُدُ بَعْدَهَا مَوْتَى، وَنَتْرُكُهُنَّ وَسْطَ النَّارِ، وَسْطَ الطِّيْنِ وَالوَحْلِ
قَتْيْلاتٍ بِلا قَتْلِ. بِنِصْفِ الدَّرْبِ نَتْرُكُهُنْ
يَا لَفَظَاظَةِ الخَيْلِ!قَضَيْنَا العُمْرَ فِي المَخْدَعْ
وَجَيْشُ حَرِيْمِنَا مَعَنَا، وَصَكُّ زَوَاجِنَا مَعَنَا، وَقُلْنَا: اللهُ قَدْ شَرَّعْ.
لَيَالَيْنَا مُوَزَّعَةٌ عَلَى زَوْجَاتِنَا الأَرْبَعْ
هُنَا شَفَةٌ، هُنَا سَاقٌ، هُنَا ظُفْرٌ، هُنَا إِصْبَعْ
كَأَنَّ الدِّيْنَ حَانُوْتٌ فَتَحْنَاهُ لِكَي نَشْبَعْ
تَمَتَّعْنَا بِمَا أَيْمَانُنَا مَلَكَتْ، وَعِشْنَا مِنْ غَرَائِزِنَا بِمُسْتَنْقَعْ
وَزَوَّرْنَا كَلامَ اللهِ بِالشَّكْلِ الذِيْ يَنْفَعْ، وَلَمْ نَخْجَلْ بِمَا نَصْنَعْ!
عَبَثْنَا فِي قَدَاسَتِهِ، نَسِيْنَا نُبْلَ غَايَتِهِ، وَلَمْ نَذْكُرْ سِوَى المَضْجَعْ
وَلَمْ نَأْخُذْ سِوَى زَوْجَاتِنَا الأَرْبَعْ 


نزار قبّاني
    

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

إدعاءُ حضارة ..


أُنظر إلى جدران بيتك , تحسسها , أشكرها على ثباتها , إشرب معها فنجانا من القهوة الفاخرة , أنا شخصيا سألتقط لها بعض الصور ربما أقوم بتأليف أغنية لكني حتما سأبكي ..
جدران البيوت تعرف جميع الأسرار وتمييز رائحة الطابون والزعتر المصنوع يدويا , كانت الامهات تعلق على جدار المطبخ الثوم والبصل وتقوم بتنشيف النعنع وأحيانا غصن يحمل بضع الليمونات كان قد إنحنى من كثرة الحمل ..
كان جدار غرفة المكتبة في الطابق العلوي يقف رزينا متعظا متباهيا بكل العراقة التي تحويها كتبه من قصص بطولة وأيام ثورة وإبداعات فلسطينية تبدأ من غسان إلى زيّاد إلى الدرويش , والحائط المقابل كان يحمل صورا لأفراد العائلة , هذه الصورة على شاطئ يافا في رحلة صيد  وهذه للإبن البكر الذي إستشهد بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية في بيروت بعدة أشهر , أما هذه الصورة الصيفية فهي للجدة  تقف عند المدخل الغربي للبيت إلى جانب البئر الذي كانت تضع بداخله البطيخ ليبرد , يا لها من أيام عز لم يعرف أهلها غيرها طريقة للعيش .
يبدو الحديث عن سرقة الاثار موضوعا غبيا لا يساوي حجرا من إنتهاكات دولة الإحتلال "التي كانت قد رفضت تسليم السلطة، إبان اتفاق أوسلو، مناطق تعتبرها أثرية، قبل أن تنتهي من العمل بها , ويزيد من حجم المأساة أن هذا النهب يستخدم عمليا في دعم نهب آخر للأرض وهو الاستيطان" 

كيف يُطلب من كل هذا الجمال أن يخضع , ليحمل رقما سخيفا تماما كأسير زرع   " دالية عنب" فأثمرت في غيابه بعد أن ذهب لينجز ثورةً فأشعلها وأُسر , الأسير كحجر البيت قديسا لو إقتلعوه غصبا ووضعوه حيث يشاءون ..
تقوم دولة إسرائيل بترقيم أحجار البيت قبل هدمه لتبنيه في مكان أخر , إن الأكثر وقاحة وغباء من سرقة الحضارة بهذه الطريقة هي أن تترك الأرقام على الحجارة غير مكترثة بقلة الإنسانية وكثرة البشاعة التي أتت بها .. 

هذه الحجارة موجودة الان بسوق تجاري يهودي إسمه (ماميلا) إسمه بالأصل طريق ( مأمن الله) هذا السوق قريب من باب الخليل .. 

لا يعقل أن تكون هذه الحجارة التي إحتضنت ربما حائط المطبخ تحتفظ برائحة الزعتر في ثناياها أو لربما إحتضنت ثوارا يلتقون سرا لتبادل الأخبار وتوزيع السلاح تحيطهم هالةٌ من القدسية والايمان , لا يعقل أن تستخدم لتبني حائطا أصم لدكان ملابس ! 



مكتبة (סטימצקי- ستيماتسكي ) , هي من أشهر مكتبات إسرائيل ! , سرقت أحجارا كانت تحيط بكتب تحكي قصص أمجاد وأيام عز وكرامة , كتب ٌ ما إن ينتهي قارئها منها حتى يذهب ليشعل الثورة , سُرقت الحجارة كي تغطي عورةَ كتبٍ تحمل لغة ركيكة لم تستخدم يوما لوصف حضارة أو تاريخ مشرف ! 

سأحتضن جدار بيتي كلما مر بجانبي ..

الاثنين، 27 فبراير 2012

بارودة ..



بارودة ..


عندما وصل الباص العائد من القدس    ( 962) إلى كفر قرع , نزلت الصبية التي الكانت تجلس إلى جانبي وتركتني مصدومة بعروبتي , لم تتكلم ولا كلمة عربي ( طلعت من كفر قرع !!) ولتكمل صدمتي غضبها جلس إلى جانبي جندي يهودي , وقف كل الطريق لإنه لم يجد مكانا !! ,إبتسمت باللون الأصفر, اغلقت كتاب (الصحافة الإستقصائية) وقلت بنفسي ( تعال تا نتسلى شوي ) لم تكن فكرة مقبولة على أن أتحدث مع جندي , لكني قررت الحديث معه , ربما لإثبت لنفسي أنه يمثل كيانا جبانا وأنه من غير سلاحة لا يساوي ثيابه التي يرتديها .

نظرت إليه أحاول أن أجد شيئا أبدأ الكلام به غير الشتائم...
تذكرت فجأة المقوله المصرية ( راجل مالي هدومة ) , ( عزة , هاظ لا راجل ولا مالي هدومة ) قلت في نفسي ( مش من قليل دولة إسرائيل عملت كل الي عملته عشان تسترجع شاليط أثريتهم كلهم هيك ) مع أن هذا الجندي (قد اللوح) إلا أن وجهه لا يخلو من البلاهه .
رن هاتفه ( الأيفون) ,أحدهم يسأله وين صرت ؟؟
- إلتفت إلي وسألني : كم بقي من الوقت لنصل إلى العفولة ؟
- ضحكت ضحكة أصفر من سابقتها وقلت له : ربع ساعة .
- عندما أنهى حديثه سألته لا تعرف أين نحن ؟
- قال لي لا , لا أعرف المنطقة ..
حبيب الماما مش عارف الطريق يا حرااام , صرخت بصوت عال : (كيف بدك تعرفها يا حقير مفكر حالك إبن البلاد تا تعرف الارض وتعرفك يا زبالة روسيا ) الحمد لله أن هذا الصراخ  لم يسمعه أحد غيري ..
 حمل الجندي بندقيته  ال (ام 16 )التي كان يضعها امامه , عندها تسنى لي أن أمعن النظر فيها كانت تحمل رقم (צ-3871028#)
لكن اللافت اكثر من الرقم هو مدى إتساخها !!
إستغربت جدا , كان يحاول ان ينظفها من أثار علكة كان قد إلتصقت بها , إستغربت فعلا
وسألته وكأني أعاتب , إلا أنه بالفعل ليس عتاب هو شماته سأستمتع بها أكثر عندما أسمع الجواب : لماذا لا تنظفها ؟؟
يا لصدمتي وفرحتي بسماع الجواب , لا أخفيكم أني توقعته لكني لم أتخيله وضيعا لهذه الدرجة ( يا فرحة الإحتياط فيك ) , عندما أجابني كدت أموت فرحا وبعد ما تجاوزت فرحي كاد غيظي يخنقني , أتعرفون ماذا أجاب ؟؟
- قال : لم أجد وقتا لتنظيفها ..
هل تعرفون معنى هذه الكلمات إن خرجت من جندي ؟!
عضضت يدي حسرة وألما وأنا أنظر من شباك الباص إلى الأفق وقلت بنفسي ( أي أسكتي يا بنت الحلال مفكرتي فدائي رايح على الثورة حامل برودته زي العروس مزينها )..
وأخيرا وصل الباص  , أخذت حقيبتي ومشيت بإتجاه بوابة المحطة رأيت الجندي واقفا هناك ينتظر أحدا , نظرت إليه نظرة إزدراء وقلت , كم أنك مرتزقة !!







الأحد، 26 فبراير 2012

أثيوبيا !


ولو إنو مش إنجاز , إنك تدافش بنت أثيوبية وتطلع قبلها على الباص , إلا إني مقدرتش أخليها تطلع قبلي لإنها بتنظرلي نظرة إني مواطنة درجة رابعة إذا مش خامسة وكأنها بتقلي أنا هون خاوا عنك وعن الناس الي انا ماخدة محلهن الي تهجرو للمخيمات , دفشتها وطلعت كان قدامي جندي ووراي جندي :
 وين بتخدم إنت ؟؟
 ليش بتسأل ؟
 بتخدم بالجلمة؟
لأ بمعلي أدوميم
 أووه , الله يعينك , أنا كمان أسبوع راجع على البيت رح أخلص خدمتي الحمد لله ..
 نيالك ..
ضحكت بيني وبين حالي , يلعن أبو هيك إحتلال المصيبة محسوبين علينا إحتلال , المصيبة الأكبر إنو مش قادرينلهن , مش قادرين لجندي بحكي بكل فرحة الحمد لله ( بروخ هشم ) رح أرجع على البيت , والتاني حاسدو كمان ,, على كل حال طمنتوني وتأكدت أكتر إنكو شعب جبان , الله يلعن أبو الي خلفك هاي إزا كنت بتعرفو ..